في تحول كبير العالم يتجه للكهرباء في قطاع النقل, تُشير التوقعات الحديثة إلى أن أكثر من ربع السيارات التي سيتم بيعها حول العالم في عام 2025 ستكون كهربائية بالكامل. هذا النمو الملحوظ يعكس التحول المتسارع نحو الطاقة النظيفة وتقنيات النقل المستدامة، في ظل التغيرات المناخية والضغوط البيئية والطلب المتزايد على بدائل أكثر كفاءة وأقل تلوثًا.
ثورة السيارات الكهربائية تكتسب زخمًا
تُعد السيارات الكهربائية من أبرز الاتجاهات التكنولوجية في العقد الحالي، ويبدو أن العالم يدخل مرحلة جديدة من الاعتماد عليها. وفقًا لتقارير مؤسسات أبحاث السوق، فإن عام 2025 سيكون نقطة تحول تاريخية، حيث يُتوقع أن تتجاوز مبيعات السيارات الكهربائية نسبة 25٪ من إجمالي السيارات المباعة عالميًا، مقارنة بنسبة 18٪ تقريبًا في عام 2024.
ما الذي يدفع هذا النمو السريع؟

عدة عوامل تقف وراء هذا النمو المتسارع في مبيعات السيارات الكهربائية:
1. دعم الحكومات والبنية التحتية
العديد من الحكومات حول العالم بدأت تُقدم حوافز مالية ضخمة لتشجيع المواطنين على شراء السيارات الكهربائية، مثل:
- الإعفاءات الضريبية.
- التخفيضات المباشرة على سعر السيارة.
- الإعفاء من رسوم التسجيل أو المرور.
- توفير محطات شحن مجانية أو مدعومة.
إلى جانب ذلك، هناك استثمارات ضخمة في البنية التحتية لمحطات الشحن، سواء في الطرق السريعة أو داخل المدن، ما يجعل من السهل على المستخدمين شحن سياراتهم دون عناء.
2. التحول البيئي والضغط الشعبي

مع تصاعد المخاوف من التغير المناخي وتزايد التلوث في المدن الكبرى، أصبحت السيارات الكهربائية خيارًا مفضلًا لمن يسعى لتقليل البصمة الكربونية. أصبحت الشعوب أكثر وعيًا، ما يُترجم إلى طلب متزايد على وسائل نقل نظيفة وصديقة للبيئة.
3. التطور التقني والبطاريات
شهدت السنوات الأخيرة تطورًا كبيرًا في تقنيات البطاريات، سواء من حيث القدرة أو مدة الشحن أو العمر الافتراضي. فاليوم، يمكن للعديد من السيارات الكهربائية قطع مسافات تتجاوز 500 كيلومتر بشحنة واحدة فقط، وهو ما أزال أكبر عائق كان يمنع الكثيرين من اقتناء هذه السيارات.
أبرز الأسواق الداعمة للسيارات الكهربائية
هناك دول تقود هذا التحول العالمي نحو الكهرباء، من أبرزها:
- الصين: تُعد أكبر سوق للسيارات الكهربائية في العالم، وتشهد نموًا هائلًا في إنتاج ومبيعات السيارات الكهربائية، بفضل دعم الدولة والمصنعين المحليين مثل BYD.
- أوروبا: دول مثل النرويج، ألمانيا، وهولندا تشهد نسب انتشار عالية جدًا للسيارات الكهربائية، مع خطط طموحة لحظر بيع السيارات العاملة بالوقود بحلول 2035.
- الولايات المتحدة: بفضل دعم إدارة بايدن، تتوسع السوق الأمريكية بسرعة في مجال السيارات الكهربائية، خاصة بعد استثمارات شركات كبرى مثل تسلا وفورد وجنرال موتورز.
هل سيصل العالم إلى نقطة التحول النهائية؟
تشير التوقعات إلى أن هذه النسبة (25٪) ما هي إلا بداية. فبحسب المحللين، من الممكن أن تصل نسبة السيارات الكهربائية إلى 40٪ أو أكثر من إجمالي المبيعات السنوية خلال السنوات الخمس القادمة، خاصة إذا استمرت أسعار السيارات الكهربائية في الانخفاض وتم تعزيز شبكات الشحن بشكل أكبر.العالم يتجه للكهرباء!
تحديات لا تزال قائمة
رغم هذا النمو، إلا أن هناك بعض التحديات التي تواجه قطاع السيارات الكهربائية، ومنها:
- كلفة الإنتاج العالية: على الرغم من انخفاض الأسعار، إلا أن السيارات الكهربائية لا تزال أغلى من نظيراتها العاملة بالوقود في بعض الأسواق.
- البنية التحتية غير الكافية في بعض الدول: لا تزال بعض المناطق تفتقر إلى محطات الشحن، ما يُعيق انتشار هذه السيارات.
- الاعتماد على مواد نادرة: تعتمد بطاريات الليثيوم على معادن مثل النيكل والكوبالت، والتي تُعد موارد محدودة وتُثير تساؤلات بيئية وأخلاقية.
مستقبل السيارات الكهربائية: أكثر من مجرد تنقل
لا تقتصر أهمية السيارات الكهربائية على كونها وسيلة نقل، بل هي تمثل ثورة في أنظمة الطاقة والتنقل الذكي. فالكثير من السيارات الحديثة أصبحت متصلة بالإنترنت، وتدعم التحديثات عبر الهواء، وبعضها مزود بأنظمة قيادة ذاتية جزئية أو كاملة. وهذا يعني أن السيارات الكهربائية تمهد الطريق لمستقبل ذكي ومستدام في عالم النقل.
ماذا يعني ذلك للمستهلك العربي؟
بدأت ملامح التحول نحو السيارات الكهربائية تظهر أيضًا في العالم العربي، حيث اتخذت بعض الدول خطوات ملموسة لدعم هذا التوجه. فالمملكة العربية السعودية أطلقت استراتيجيات طموحة ضمن “رؤية 2030” لتوطين صناعة السيارات الكهربائية، وتأسيس شركات محلية مثل “سير”، بالتعاون مع شركات عالمية. أما الإمارات، فقد استثمرت في بنية تحتية متطورة لمحطات الشحن، وأتاحت حوافز خاصة لاقتناء المركبات الكهربائية، لا سيما في دبي وأبوظبي. كما أن المغرب بدأ يتحول إلى مركز لصناعة البطاريات والسيارات الكهربائية بفضل اتفاقيات تصنيع مع شركات أوروبية. وحتى في دول مثل مصر والأردن، بدأت تظهر مبادرات حكومية وخاصة لتمكين هذا القطاع، ما يبشر بمستقبل كهربائي واعد في منطقتنا أيضًا.
مع ازدياد انتشار السيارات الكهربائية عالميًا، بدأت العديد من الدول العربية مثل الإمارات والسعودية والمغرب ومصر، بدعم هذه التكنولوجيا من خلال:
- إعفاءات جمركية.
- إنشاء محطات شحن في المراكز التجارية والطرق العامة.
- تشجيع استثمارات في تصنيع السيارات الكهربائية محليًا.
وهذا يعني أن المستهلك العربي سيبدأ في رؤية مزيد من الخيارات الكهربائية في السوق، بأسعار تنافسية، وتجربة قيادة أفضل، ودعم حكومي متزايد.
الحديث عن تجاوز مبيعات السيارات الكهربائية لنسبة 25٪ عالميًا هذا العام لا يُعد رقمًا عابرًا، بل هو إشارة قوية إلى نهاية وشيكة لعصر الاعتماد الكلي على الوقود الأحفوري وان العالم يتجه للكهرباء في قطاع النقل. في ظل التوجهات العالمية نحو تقليل الانبعاثات وتحقيق الحياد الكربوني، أصبحت السيارات الكهربائية ليست مجرد خيار بيئي، بل ضرورة اقتصادية وتكنولوجية. ومع تزايد تبني الحكومات والشركات والمستهلكين لهذه التقنية، فإن السؤال لم يعد “هل ستنتصر السيارات الكهربائية؟” بل “متى ستصبح هي الخيار الوحيد في السوق؟”.