الكبح التلقائي في حالات الطوارئ (AEB): التقنية التي تقلل أخطر الحوادث على الطريق

Photo of author

By Sihem Braiek

أصبحت السيارات الحديثة تعتمد بشكل متزايد على أنظمة مساعدة السائق، ليس لأنها رفاهية، بل لأنها أثبتت فعاليتها في حماية الأرواح وتقليل الحوادث. ومن بين أهم هذه الأنظمة يبرز نظام الكبح التلقائي في حالات الطوارئ (AEB) الذي يراقب الطريق أمام السيارة، ويقرر في اللحظة المناسبة الضغط على المكابح إذا لم يتفاعل السائق بالسرعة المطلوبة. هذه التقنية غيرت طريقة تعامل السائقين مع الطرق، لأنها تمنحهم طبقة إضافية من الأمان في المواقف التي لا يملكون فيها الوقت الكافي للرد.

فكرة AEB ليست معقدة. النظام ببساطة يراقب المسافة بين السيارة والعائق الموجود أمامها، سواء كان مركبة أخرى أو دراجة أو حتى أحد المشاة. وإذا لاحظ أن الاصطدام أصبح محتملًا وأن السائق لم يتخذ أي خطوة لتجنب الخطر، يتدخل فورًا عبر تشغيل الفرامل بشكل تلقائي. الهدف من ذلك ليس إلغاء دور السائق، بل دعمه وتقليل احتمالات الوقوع في حوادث غالبًا ما تكون عنيفة، خصوصًا على الطرق السريعة والمزدحمة.

كيف يعمل نظام الكبح التلقائي في حالات الطوارئ؟

يعتمد النظام على مجموعة من المستشعرات التي تعمل دون توقف. الكاميرات، الرادارات، والليدار — في بعض السيارات — تعمل كفريق واحد لمراقبة الطريق. هذه الأجهزة تقيس المسافة، سرعة السيارة، سرعة الأجسام الأخرى، وتوقع نقطة الاصطدام المحتملة. عندما يتأكد النظام أن السائق لا يتصرف بسرعة كافية، يبدأ بإصدار تحذير. وفي حال لم يستجب السائق، يتدخل النظام لتقليل السرعة أو لإيقاف السيارة بالكامل.

عملية اتخاذ القرار تتم في أجزاء من الثانية. وهذا ما يجعل النظام قادرًا على منع اصطدامات كان من المستحيل تقريبًا تفاديها بسبب بطء رد الفعل البشري في مواقف كثيرة. ورغم أن البعض يعتقد أن النظام “يفعل كل شيء”، إلا أن دوره الحقيقي هو العمل عند فشل رد فعل السائق، أو عندما يكون الانتباه مشتتًا للحظة قصيرة.

لماذا أصبح مهمًا في السيارات الكهربائية؟

السيارات الكهربائية تمتلك خصائص تجعل AEB أكثر أهمية مما هو عليه في السيارات التقليدية. أول هذه الخصائص هو التسارع السريع جدًا، لأن المحركات الكهربائية تنقل القوة إلى العجلات مباشرة، دون تأخير. هذا يجعل الاقتراب من السيارات الأمامية أسرع مما يتوقع البعض، وبالتالي ترتفع احتمالات وقوع الاصطدام في حالات التوقف المفاجئ.

الميزة الثانية هي الهدوء الشديد أثناء القيادة. السائق لا يسمع صوت المحرك، ولا يسمع تغيرات السرعة من حوله بنفس الوضوح الذي يجده في السيارات التقليدية. غياب الضوضاء يعني غياب “التحذير السمعي الطبيعي” الذي كان يساعد السائق سابقًا على إدراك ما يحدث حوله. لذلك يصبح AEB نوعًا من “الأذن الثانية” التي تلاحظ الخطر قبل أن يسمعه أو ينتبه إليه السائق.

إضافة إلى ذلك، السيارات الكهربائية تعتمد على الشاشات للتحكم في غالبية الوظائف. وهذا يجعل السائق يتفاعل معها كثيرًا، وهو ما يزيد احتمالية فقدان التركيز للحظات قصيرة. AEB هنا يعمل كخط دفاع أخير يمنع الخطأ البشري من التحول إلى حادث خطير.

مواقف يتدخل فيها النظام

هناك حالات يتدخل فيها AEB بشكل واضح، وتكون فيها فائدته أكبر من أي نظام آخر. عندما تتوقف السيارة التي أمامك فجأة، أو عندما يدخل أحد المشاة إلى الطريق بشكل غير متوقع، يعطي النظام فرصة كبيرة لتجنب الاصطدام أو على الأقل تخفيفه. وفي الطرق السريعة، قد يكون الفرق بين الاصطدام القوي والتوقف الآمن مجرد جزء من الثانية، وهو الوقت الذي يعوّضه النظام عبر استشعاره للخطر بسرعة كبيرة.

كذلك يتعامل النظام مع الدراجات الهوائية والدراجات النارية التي تظهر فجأة في المسار، وهي من أكثر أسباب الحوادث داخل المدن. ومع تطور النسخ الأحدث من AEB، أصبح بإمكانه التعامل مع المركبات والتقاطعات عند السرعات المنخفضة والمتوسطة أيضًا، مما يحسن مستوى الأمان أثناء القيادة اليومية.

الفرق بين AEB وFCW

رغم أن النظامين مرتبطان ببعضهما، إلا أن لكل واحد دورًا مختلفًا:

  • FCW يقدم تحذيرًا فقط.
  • AEB يتدخل ويضغط على الفرامل تلقائيًا.

وجود FCW وحده ليس كافيًا إذا لم يستجب السائق، ولهذا تعتمد شركات السيارات على دمج AEB معه لتوفير حماية كاملة. الأولى تنبّه، والثانية تتدخل عندما يفشل التنبيه.

هل يمكن أن يخطئ نظام الكبح التلقائي في حالات الطوارئ؟

مثل أي تقنية، قد يحدث خطأ في بعض الحالات. من الأمثلة:

  • انعكاس الضوء على الطريق.
  • ضباب شديد أو أمطار قوية.
  • أجسام صغيرة جدًا لا تستطيع الكاميرات التقاطها بسهولة.

لكن الشركات تعمل على تحسين الدقة باستمرار، ومع إضافة الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي تبدأ الأنظمة في التعرّف على السيناريوهات الصعبة، وتحسين ردودها في كل جيل من السيارات.

تقنية الكبح التلقائي في حالات الطوارئ (AEB)

كيف يؤثر النظام على أسلوب القيادة؟

ما يفعله AEB لا يقتصر على منع الحوادث فقط، بل يغير أسلوب السائق مع الوقت. يبدأ السائق بفهم المسافات الآمنة، ويصبح أكثر هدوءًا في القيادة لأنه يعلم أن هناك نظامًا يدعمه عند الحاجة. السائقون الجدد يستفيدون كثيرًا من وجود هذا النظام، لأنه يساعدهم على التعامل مع المواقف المفاجئة التي لم يعتادوا عليها بعد.

ومع أن البعض يشعر بأن النظام “يتدخل كثيرًا”، إلا أن معظم حالات تدخله تكون في اللحظات التي يتشتت فيها السائق، أو عند الاقتراب أكثر من اللازم من السيارة الأمامية دون قصد. ولهذا يعتبره الكثيرون أهم نظام أمان بعد حزام الأمان والوسائد الهوائية.

هل يمكن إيقاف الكبح التلقائي في حالات الطوارئ؟

معظم السيارات توفر زرًا لتعطيل النظام، لكن الشركات لا تنصح بذلك. السبب بسيط: الحوادث التي يتجنبها النظام غالبًا لا يتوقعها السائق، وقد تحدث في ثانية واحدة. تعطيل النظام يعني فقدان طبقة حماية مهمة جدًا. ولذلك تترك غالبية الشركات النظام يعمل بشكل افتراضي دون الحاجة لتشغيله يدويًا في كل مرة.

الكبح التلقائي في حالات الطوارئ… أحد أساسيات سيارات المستقبل

مع تطور السيارات نحو القيادة الذاتية، أصبح AEB حجرًا أساسيًا في هذا الطريق. أنظمة القيادة الذاتية تعتمد على القدرة على رؤية الطريق وتحليل المخاطر، وهي نفس المبادئ التي يعمل بها AEB. لذلك فإن وجوده اليوم يمهد لتطوير أنظمة أكثر تقدمًا، ويعكس اتجاه الصناعة نحو جعل الطرق أكثر أمانًا، سواء على السائقين أو المشاة.

وبما أن السيارات الكهربائية هي مستقبل النقل، فمن الطبيعي أن تعتمد هذه السيارات على أنظمة مثل AEB بشكل أساسي، لأنها تمنحها القدرة على التعامل مع مواقف الطريق بشكل أذكى وأكثر دقة.

أضف تعليق