لم تكن الأبواب الكهربائية جزءاً أساسياً من السيارات قبل سنوات قليلة. كانت ميزة تظهر غالباً في السيارات الفاخرة أو بعض الطرازات الخاصة. لكن انتشارها اليوم أصبح أسرع بكثير مما توقعه السائقون، إذ بدأت شركات عديدة تعتمدها في سياراتها الجديدة بوصفها ميزة تُسهّل على المستخدم الدخول والخروج بدون جهد. هذا الانتشار السريع جعل الباب الكهربائي جزءاً طبيعياً في تجربة القيادة الحديثة، لكن المشكلة ظهرت عندما تبيّن أن التنفيذ ليس واحداً عند جميع الشركات. فبينما قدّمت تيسلا الباب بطريقة اعتمدت على حساسات دقيقة ومنظومة برمجية متكاملة، قدّمت شركات أخرى نفس الميزة ولكن بدون الدقة الكافية. ومع الوقت، بدأت تظهر حالات انحشار وإصابات بسيطة وأحياناً خطيرة بسبب ضعف استجابة بعض الأبواب الكهربائية. وهذا ما فتح باب الأسئلة: كيف أصبح الباب الكهربائي الذي اشتهرت به تيسلا يمثل خطراً في سيارات أخرى؟ وهل المشكلة في التقنية نفسها أم في طريقة تنفيذها؟
كيف قدّمت تيسلا الباب الكهربائي بطريقة مختلفة عن الآخرين؟
عندما قدّمت تيسلا بابها الكهربائي، لم تتعامل معه كميزة منفصلة، بل كجزء من نظام ذكي يقرأ البيئة من حوله. النظام يعتمد على أكثر من حساس، وكل حساس يراقب نقطة محددة في إطار الباب. بهذه الطريقة، يمكن للنظام معرفة أي مقاومة—even لو كانت صغيرة جداً—ويوقف حركة الإغلاق فوراً. إضافة إلى ذلك، تعتمد تيسلا على آلية تقيس مستوى الضغط لحظة بلحظة. هذه الآلية تمنع انحشار اليد، وتتعامل مع أي جسم خفيف مثل قطعة قماش أو حقيبة صغيرة. ومع أن هذه التفاصيل تبدو بسيطة، إلا أنها جعلت الباب يتصرف بشكل يشبه طريقة الإنسان: إذا شعر بوجود شيء غير طبيعي، يتوقف فوراً.
هذه الطريقة أثبتت نجاحها لأن تيسلا لم تعتمد على حساس واحد. كما أن البرمجيات كانت قادرة على تحليل معلومات الحساسات بسرعة عالية، مما جعل رد فعل الباب سريعاً. وهذا سبب أن كثيراً من مستخدمي تيسلا لم يواجهوا مشكلات خطيرة مع الباب الكهربائي، حتى مع الاستخدام اليومي للأطفال.
الشركات الأخرى: محاولة تقليد الباب الكهربائي بدون بناء أساسي قوي
عندما لاحظت الشركات الأخرى اهتمام المستخدمين بالأبواب الكهربائية، سارعت لإضافة هذه الميزة في سياراتها. لكن بعض هذه الشركات لم تستثمر في تطوير منظومة كاملة، بل اعتمدت على حلول سريعة. بعض الأبواب الكهربائية في السوق اليوم تعمل بحساس واحد فقط، وهو غير قادر على اكتشاف الأجسام الصغيرة أو الخفيفة. بعض الأنظمة تعتمد على مستشعرات تعمل بالموجات، لكنها ليست سريعة بما يكفي للتعامل مع حركة يد طفل.
هذه الفجوة في التنفيذ ليست بسيطة. الباب الذي لا يستجيب للمسات الصغيرة يعتبر خطراً لأن الإغلاق يتم بقوة ثابتة. وفي حال وجود يد طفل أو جسم صغير، قد يستمر الباب في الإغلاق قبل أن يتوقف، وهذا قد يسبب إصابات. ولهذا ظهرت شكاوى كثيرة من مستخدمين لاحظوا أن الباب يستمر في الضغط لمدة ثانية أو ثانيتين قبل أن يتوقف. وهذه الفترة قد تكون قصيرة بالنسبة إلى الكبار، لكنها طويلة جداً عندما يتعلق الأمر بيد طفل.

خطر الباب الكهربائي عند الأطفال: جرّاء حركة سريعة وحجم صغير
أكبر مشكلة في الأبواب الكهربائية تظهر عندما يكون الأطفال بالقرب منها. الأطفال يتحركون بسرعة وبشكل غير متوقع، كما أن أيديهم صغيرة ولا تنتج قوة كافية يمكن أن يسجلها الحساس. الباب الكهربائي في بعض السيارات لا يتعرف على المقاومة إلا إذا كانت قوية. هذا يجعل يد الطفل لا تُكتشف بسرعة، خاصة إذا كانت في زاوية يصعب على الحساس مراقبتها. وقد ظهرت حالات دخلت فيها يد طفل بين الباب والإطار، ولم يتوقف الباب إلا بعد أن أصبح الضغط مؤلماً.
هذه المواقف تسببت في حالة من القلق بين العائلات، خصوصاً أن الباب الكهربائي يُفترض أن يكون ميزة للراحة، لا مصدر ضغط أو خوف. ومع ذلك، المشكلة لا تتعلق بالأطفال فقط، فقد سُجلت أيضاً حالات انحشار حقائب، كتب صغيرة، وحتى قطع ملابس بين الباب والإطار دون أن يتعرف عليها الحساس.
خلل في فلسفة التنفيذ: المظهر أولاً… ثم الأمان
الفرق الكبير بين تيسلا وبعض الشركات الأخرى ليس في نوع التقنية المستخدمة فقط، بل في فلسفة التنفيذ. الشركات التي قدّمت الباب بهدف التسويق تعاملت معه كميزة يُعلن عنها، وليس كجزء من نظام أمان. وهذا يعني أن التركيز كان على الشكل الخارجي للميزة وليس على التفاصيل التي تحدد مدى أمانها. أما تيسلا فتعاملت مع الباب الكهربائي كجزء من منظومة ذكية تحتاج مراقبة مستمرة، وتحليل لحظي، واستجابة دقيقة لأي تغيّر.
هذا النوع من التنفيذ يحتاج وقتاً، واختبارات طويلة، وتعديلات مستمرة. بينما التنفيذ السريع يعتمد غالباً على وضع حساس واحد وربطه بمحرك للباب. ومع أن الفكرة قد تبدو مناسبة بمظهرها الخارجي، إلا أنها تفتقد إلى العمق الفني الذي يجعلها آمنة في الاستخدام اليومي.
البرمجيات: العامل الذي يُهمل في كثير من السيارات
عمل الباب الكهربائي لا يعتمد فقط على الحساسات، بل على البرمجيات التي تحلل المعلومات. البرمجيات هي التي تحدد تحت أي ظروف يجب إيقاف الباب، وبأي سرعة يجب إغلاقه، وكم مرة يجب إعادة الفتح عند اكتشاف مقاومة. بعض الشركات تقدم برمجيات بدائية لا تستطيع التعامل مع التغييرات بشكل سريع. وهذا يجعل الباب يبدو “غبيًا” في بعض المواقف، وكأنه لا يفهم ما يحدث حوله.
من جهة أخرى، بعض الشركات لا تقدم تحديثات دورية، وهذا يجعل الباب يحتفظ بسلوك غير دقيق لفترة طويلة. في المقابل، تيسلا تعتمد على تحديثات مستمرة، يمكنها تعديل سرعة الإغلاق أو حساسية الحساسات من خلال تحديث برمجي فقط.
هل يمكن إصلاح مشكلة الباب الكهربائي؟ نعم، ولكن…
هناك إمكانية واضحة لإصلاح كثير من هذه المشكلات. بعض الشركات يمكنها تحسين الأداء باستخدام تحديثات برمجية ترفع مستوى حساسية الباب. وبعضها قد يضيف حساسات جديدة في الإصدارات القادمة. ويمكن أيضاً تعديل طريقة الإغلاق بحيث تصبح أبطأ في المرحلة الأخيرة، مما يمنح النظام وقتاً كافياً لإيقاف الحركة عند اكتشاف أجسام صغيرة.
لكن المشكلة تكمن في السيارات الموجودة حالياً في السوق. أصحاب هذه السيارات قد يضطرون لاستخدام الباب بحذر أكبر، لأن تحسين النظام ليس دائماً ممكناً عبر التحديثات فقط. بعض الأنظمة تحتاج تعديلات في العتاد نفسه، وهذا يعني أن الحل قد يكون محدوداً في بعض الحالات.
ما الذي يجب على المستخدم فعله الآن؟
حتى تصل الأنظمة إلى مستوى أعلى من النضج، يمكن للمستخدمين اتخاذ بعض الاحتياطات البسيطة:
- مراقبة الأطفال عند فتح الباب أو إغلاقه.
- إيقاف ميزة الإغلاق التلقائي عند الشك في أداء الباب.
- استخدام الإغلاق اليدوي في المواقف التي يوجد فيها ازدحام أو حركة سريعة.
- قراءة دليل السيارة لمعرفة نوع الحساسات المستخدمة.
- التأكد من وجود إعدادات تسمح بتعديل سرعة الإغلاق أو حساسية النظام.
هذه الإجراءات لا تلغي المشكلة، لكنها تقلل احتمال وقوع حوادث بسيطة يمكن تفاديها.
الخلاصة: التقنية ليست المشكلة… التنفيذ هو السبب
الباب الكهربائي ليس خطراً في جوهره. الخطر يأتي من التنفيذ غير الدقيق. عندما يتم تقديم التقنية كجزء من منظومة أمان متكاملة، تصبح مفيدة وآمنة. وعندما يتم تقديمها كميزة شكلية فقط، تصبح مصدر إزعاج وخطر. تيسلا تقدم مثالاً على التنفيذ الناضج، بينما بعض الشركات الأخرى ما زالت في مرحلة التجربة. ومع تزايد الشكاوى والتحقيقات، من المتوقع أن تتحسن أنظمة الأبواب الكهربائية في السنوات القادمة، سواء عبر تحسين الحساسات أو من خلال برمجيات أكثر ذكاءً.
في النهاية، ما يريده المستخدم واضح: باب كهربائي يعمل براحة، ويستجيب سريعاً، ولا يشكّل خطراً على أي شخص يقف بجانبه. والتقنية قادرة على ذلك، لكن التنفيذ هو ما يصنع الفرق.