فولفو تعلن تراجع مبيعاتها بنسبة 2% في أكتوبر وسط تحديات السوق العالمية

Photo of author

By Sihem Braiek

أعلنت شركة فولفو للسيارات عن انخفاض مبيعاتها العالمية بنسبة 2% خلال شهر أكتوبر مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، في وقت وصفت فيه الشركة السوق العالمية بأنها “صعبة ومعقّدة” نتيجة تباطؤ الطلب وتزايد المنافسة في سوق السيارات الكهربائية. هذا التراجع الطفيف يأتي بعد سلسلة من الأشهر التي شهدت نمواً مستقراً نسبيًا، لكنه يكشف عن واقع جديد يواجهه صانعو السيارات وسط تحوّل الصناعة نحو الكهربة والذكاء الاصطناعي.

أداء فولفو خلال أكتوبر: انخفاض طفيف ولكن مقلق

بحسب بيان الشركة، بلغ إجمالي المبيعات العالمية لفولفو حوالي 58,500 سيارة خلال أكتوبر 2025، مقارنة بـ 59,800 سيارة في أكتوبر 2024. وأشارت الشركة إلى أن المبيعات في أوروبا انخفضت بنسبة 3%، بينما تراجعت المبيعات في الصين بنحو 6%، في حين حافظت السوق الأمريكية على استقرار نسبي بزيادة بسيطة لم تتجاوز 1%.

ورغم أن الانخفاض يبدو محدودًا من حيث النسبة، إلا أن فولفو أوضحت أن الطلب على السيارات الكهربائية بالكامل شهد تباطؤًا ملحوظًا، وهو ما أثّر على أرقام الشركة الإجمالية. فالمستهلكون ما زالوا مترددين في تبنّي السيارات الكهربائية بشكل واسع، بسبب ارتفاع الأسعار ومحدودية البنية التحتية للشحن في العديد من الأسواق.

التحول إلى السيارات الكهربائية: طموح فولفو يصطدم بالواقع

منذ إعلانها نيتها التحول الكامل إلى السيارات الكهربائية بحلول عام 2030، وضعت فولفو نفسها بين الشركات الأكثر التزامًا بالتحول البيئي. إلا أن هذا الانتقال، كما تقول الشركة، لا يخلو من العقبات.
المديرة التنفيذية للشركة صرّحت بأن الطلب على سيارات فولفو الكهربائية يتأثر بتقلبات السوق وأسعار الطاقة والتضخم العالمي، ما يجعل تحقيق أهداف النمو أكثر تعقيدًا في الوقت الراهن.

سيارات فولفو الكهربائية مثل EX30 وEX90 لا تزال تلقى اهتمامًا كبيرًا في الأسواق الأوروبية، لكن القدرة الإنتاجية والتوريدية تواجه تحديات في بعض المناطق. كما أن ارتفاع تكاليف المواد الخام للبطاريات والرقائق الإلكترونية يضغط على هوامش الربح ويؤجل بعض خطط التوسع.

المنافسة تحتدم في سوق السيارات الكهربائية

تشير تقارير الصناعة إلى أن المنافسة في سوق السيارات الكهربائية أصبحت شرسة أكثر من أي وقت مضى. شركات مثل تسلا، بي واي دي، وهيونداي، وحتى شركات ناشئة مثل نيـو وXPeng، تضغط بقوة على فولفو وغيرها من العلامات الأوروبية التقليدية.

في الصين، حيث كانت فولفو تراهن على زيادة حصتها السوقية، واجهت الشركة موجة تخفيض أسعار كبيرة من المنافسين المحليين، وهو ما جعلها غير قادرة على مجاراة الأسعار دون التأثير على جودة منتجاتها أو ربحيتها.
وفي أوروبا، تواجه فولفو تحدياً آخر يتمثل في تزايد القيود التنظيمية والانبعاثات، إضافة إلى تراجع القوة الشرائية للمستهلكين بعد فترات تضخم مرتفعة.

السوق الأمريكية: بصيص أمل في وسط العاصفة

ورغم الصورة العامة الصعبة، إلا أن السوق الأمريكية قدّمت أداءً إيجابيًا طفيفًا لفولفو، حيث سجّلت مبيعات الشركة زيادة بنسبة 1% مدعومة بإطلاق طرازات هجينة جديدة جذبت شريحة من العملاء الذين لم ينتقلوا بعد إلى السيارات الكهربائية بالكامل.
وتشير البيانات إلى أن سيارات XC60 Recharge وXC90 Plug-in Hybrid لا تزال من أكثر الموديلات مبيعًا في الولايات المتحدة، بفضل مزيجها بين الكفاءة والأداء والاعتمادية.

معرض لسيارة فولفو

كيف تنظر فولفو إلى المستقبل؟

رغم الانخفاض الأخير، أكدت فولفو أنها لا ترى في تراجع أكتوبر مؤشراً على أزمة طويلة الأمد، بل تعتبره انعكاساً لتقلّبات السوق المؤقتة.
وقال متحدث باسم الشركة إن “فولفو تواصل التزامها بخطتها للتحوّل الكهربائي الكامل، مع العمل على تحسين كفاءة الإنتاج وسلاسل التوريد لتلبية الطلب المستقبلي”.

الشركة تخطط لزيادة إنتاج سياراتها الكهربائية خلال عام 2026، مع التركيز على الأسواق الأوروبية والأمريكية حيث الطلب على المركبات النظيفة في تزايد مستمر. كما تعمل على تطوير تقنيات الشحن السريع وتحديث أنظمة الذكاء الاصطناعي داخل المقصورة لتعزيز تجربة القيادة.

التكنولوجيا كرافعة للعودة إلى النمو

فولفو ليست مجرد شركة سيارات، بل أصبحت شركة تكنولوجية في جوهرها.
منذ سنوات، استثمرت فولفو في تطوير أنظمة القيادة الذاتية والاستعانة بالذكاء الاصطناعي لتحليل بيانات السائق وتحسين السلامة على الطرق. وتقول الشركة إن هذا الجانب سيكون محوريًا في استراتيجيتها القادمة، إلى جانب التركيز على الاستدامة البيئية.

على سبيل المثال، أعلنت الشركة مؤخرًا عن مشروع لتطوير نظام ذكاء اصطناعي قادر على توقّع سلوك المشاة والمركبات المحيطة، مما يقلل احتمالات الحوادث. كما تعمل على جيل جديد من واجهات القيادة الذكية يعتمد على تحليل الصوت والوجه لتخصيص التجربة لكل سائق.

تحديات الاستدامة والتكاليف لسيارات فولفو

التحول إلى السيارات الكهربائية يعني أيضًا مواجهة تكاليف ضخمة في تطوير البطاريات، والبنية التحتية، وتدريب فرق العمل.
ورغم دعم بعض الحكومات الأوروبية للشركات عبر حوافز مالية، إلا أن فولفو تقول إن تكاليف الإنتاج ما زالت مرتفعة جدًا مقارنة بالسيارات التقليدية.
كما أن بعض الأسواق الناشئة لم تواكب بعد البنية التحتية للشحن الكهربائي، ما يجعل عملية التوسع أكثر صعوبة.

في هذا السياق، يصف محللون الوضع الحالي بأنه مرحلة انتقالية مؤلمة ولكن ضرورية، حيث تضطر الشركات مثل فولفو إلى التكيّف بسرعة مع متطلبات التحول الرقمي والبيئي في آنٍ واحد.

ثقة المستهلك هي التحدي الأكبر

على الرغم من أن فولفو تتمتع بسمعة قوية في الجودة والسلامة، إلا أن كسب ثقة المستهلك في السيارات الكهربائية يتطلب وقتاً. فالكثير من السائقين ما زالوا مترددين بسبب قلق المدى، وتكلفة الصيانة، وسعر البطارية.
ولذلك تعمل الشركة على حملات توعوية تشرح مزايا سياراتها الكهربائية، مع توفير خيارات تمويل وتأجير أكثر مرونة لتشجيع الزبائن على الانتقال.

كما أن الشركة تراهن على الجيل الجديد من المستهلكين الشباب، الذين يرون في القيادة الكهربائية خياراً عصرياً وبيئياً ومسؤولاً.

مرحلة دقيقة ولكن واعدة

تراجع مبيعات فولفو بنسبة 2% في أكتوبر لا يعني أن الشركة في طريق الهبوط. بل يعكس التحول الكبير الذي تشهده صناعة السيارات العالمية.
العالم ينتقل بسرعة نحو الكهرباء والذكاء الصناعي. وكل الشركات الكبرى من فولفو إلى تويوتا وتسلا — تحاول إيجاد مكانها في هذا التحول.

ورغم التحديات الحالية، تبقى فولفو من العلامات الأكثر احتراماً وثقة في السوق، بفضل التزامها بالجودة، والأمان، والاستدامة. الأشهر القادمة ستكون حاسمة في تحديد ما إذا كانت الشركة قادرة على تحويل هذه الرؤية إلى نجاح تجاري ملموس.

فولفو تواجه مرحلة دقيقة في سوق متقلبة، لكنها تمتلك مقوّمات قوية تؤهلها للعودة إلى النمو. ومع استمرار التركيز على السيارات الكهربائية والتكنولوجيا الذكية. يبدو أن مستقبل فولفو ما زال واعدًا، حتى لو كان الطريق مليئًا بالتحديات.

أضف تعليق