تويوتا تبدأ إنتاج السيارات الكهربائية في أوروبا عام 2028

Photo of author

By Sihem Braiek

في خطوة استراتيجية تعكس التزامها بالتحول نحو التنقل المستدام، تويوتا تبدأ إنتاج السيارات الكهربائية بالكامل (EV) في أوروبا اعتبارًا من عام 2028. يأتي هذا الإعلان في وقت تتسارع فيه وتيرة التحول إلى المركبات عديمة الانبعاثات، لا سيما في القارة الأوروبية التي تتصدر المشهد العالمي في هذا المجال. في هذا المقال، نُسلط الضوء على خلفيات القرار، أسبابه، تفاصيله، وتداعياته المستقبلية، مع التركيز على دور تويوتا في سوق السيارات الكهربائية المتنامي.

لماذا اختارت تويوتا عام 2028 لإطلاق إنتاجها الكهربائي الأوروبي؟

تُعرف تويوتا تاريخيًا باتباعها استراتيجية “النهج المتعدد للتقنيات”، حيث لم تركز فقط على السيارات الكهربائية، بل استثمرت في الهجينة والهجينة القابلة للشحن وخلايا الوقود. غير أن تحول السوق الأوروبية، وتسارع التشريعات البيئية الصارمة، فرض على الشركة اليابانية إعادة ترتيب أولوياتها في السوق.

وقد اختارت تويوتا عام 2028 كتاريخ محوري لبدء الإنتاج الكهربائي المحلي في أوروبا، لعدة أسباب استراتيجية:

  • النضج المتوقع للسوق الأوروبية بحلول هذا التاريخ، مع توقعات ببلوغ السيارات الكهربائية نسبة 50% من مبيعات السيارات الجديدة في القارة.
  • توفر تقنيات بطاريات أكثر تطورًا، مثل البطاريات الصلبة التي ستمنح تويوتا ميزة تنافسية على صعيد مدى القيادة وتكلفة الإنتاج.
  • الرغبة في تقليل الاعتماد على الاستيراد من مصانعها في اليابان وآسيا، وبالتالي تخفيض التكاليف الجمركية وتحسين القدرة على التوريد المحلي.

موقع الإنتاج الأوروبي: أين ستُصنع سيارات تويوتا الكهربائية؟

رغم أن تويوتا لم تُحدد بعد المصنع الأوروبي الذي سيحتضن خطوط إنتاج السيارات الكهربائية، إلا أن العديد من التحليلات تُشير إلى أن أحد مصانعها القائمة في المملكة المتحدة أو فرنسا أو تركيا قد يكون الموقع المرجح. تُدير تويوتا اليوم مصانع في بريطانيا (مصنع بيرنستون)، فرنسا (مصنع أونان فالانسين)، وتركيا (مصنع ساكاريا)، وهي مواقع مجهزة بالبنية التحتية الأساسية وجاهزة للتوسع.

وقد ألمح المدير التنفيذي لتويوتا أوروبا، “مات هاريسون”، أن قرار بدء الإنتاج المحلي سيعتمد على حجم الطلب على السيارات الكهربائية في أوروبا بحلول 2026، بحيث إذا تجاوزت حصة مبيعاتها من EV نسبة 15%، فإن الاستثمار في الإنتاج الأوروبي سيكون مبررًا اقتصاديًا.

تويوتا والسباق العالمي في سوق السيارات الكهربائية

تُواجه تويوتا منافسة شرسة في قطاع السيارات الكهربائية، خاصة من شركات مثل تسلا، فولكس فاجن، بي إم دبليو، وBYD الصينية. وقد تعرضت الشركة لانتقادات واسعة في السنوات الأخيرة لبطئها النسبي في تبني السيارات الكهربائية، مقارنة بمنافسيها. غير أن تويوتا ردّت بقوة، وأطلقت خطة تحول شاملة شملت:

  • تأسيس وحدة متخصصة باسم “Toyota BEV Factory” لتطوير وإنتاج السيارات الكهربائية.
  • الإعلان عن 6 طرازات كهربائية ستُطلق في أوروبا بحلول عام 2026.
  • الاستثمار في تطوير بطاريات جديدة، أبرزها البطاريات الصلبة (Solid-State) التي توفر شحنًا أسرع ومدى قيادة أطول.

بحلول عام 2030، تطمح تويوتا إلى بيع أكثر من 3.5 مليون سيارة كهربائية سنويًا على مستوى العالم، مع تخصيص أكثر من 1.5 مليون منها للأسواق الأوروبية.

تويوتا والسباق العالمي في سوق السيارات الكهربائية

مستقبل السيارات الكهربائية في أوروبا: لماذا تُعد أوروبا سوقًا إستراتيجيًا لتويوتا؟

تمثل أوروبا بيئة مثالية لنمو السيارات الكهربائية لعدة أسباب:

  • تشريعات الاتحاد الأوروبي التي تنص على حظر بيع سيارات البنزين والديزل الجديدة بحلول عام 2035.
  • الدعم الحكومي الواسع للسيارات الكهربائية، من خلال الحوافز المالية والإعفاءات الضريبية.
  • البنية التحتية المتطورة لمحطات الشحن السريع في معظم الدول الأوروبية.
  • وعي المستهلك البيئي، حيث يُفضل عدد متزايد من الأوروبيين السيارات الصديقة للبيئة.

تويوتا تدرك أهمية هذا السوق، ولذلك تستعد بقوة للمرحلة المقبلة من خلال إنتاج محلي يخفض التكاليف ويزيد من مرونتها في تلبية الطلب.

ما هي الطرازات الكهربائية التي تخطط تويوتا لإنتاجها في أوروبا؟

بحسب تصريحات مسؤولي الشركة، فإن تويوتا تعمل حاليًا على تطوير 6 طرازات كهربائية موجهة للسوق الأوروبي، أبرزها:

  1. bZ4X: أول طراز كهربائي بالكامل من تويوتا، أُطلق في 2022 ويُعد سيارة SUV مدمجة.
  2. Urban Crossover: سيارة كهربائية مدمجة مخصصة للمدن الأوروبية، ستُطلق في 2024.
  3. Toyota C-HR EV: نسخة كهربائية من سيارة C-HR الشهيرة.
  4. سيارة عائلية متوسطة كهربائية مستوحاة من RAV4.
  5. سيارة نقل خفيف كهربائية مخصصة للاستخدامات التجارية.
  6. موديل كهربائي فاخر تحت علامة “لكزس”.

ومن المنتظر أن يتم إنتاج بعض هذه الطرازات محليًا في أوروبا بدءًا من 2028، خاصة الطرازات ذات الحجم المتوسط والعائلي، الأكثر طلبًا في القارة.

استثمارات تويوتا في تقنيات البطاريات: الرهان على المستقبل

من أكبر التحديات التي تُواجه صناعة السيارات الكهربائية هي كفاءة البطارية وتكلفتها. وقد أعلنت تويوتا أنها ستُركز على ثلاث تقنيات بطاريات رئيسية:

  • بطاريات ليثيوم فوسفات الحديد (LFP): رخيصة وآمنة، لكنها محدودة في المدى.
  • بطاريات النيكل عالية الكثافة: توفر مدى قيادة أطول، وتستهدف بها سياراتها المتوسطة والكبيرة.
  • البطاريات الصلبة (Solid-State): تُعد تقنية ثورية قادرة على تغيير قواعد اللعبة، إذ تتيح مدى قيادة يتجاوز 1000 كم، وشحن في أقل من 15 دقيقة.

وقد بدأت تويوتا بالفعل التعاون مع شركات مثل “Idemitsu Kosan” لتسريع إنتاج المواد الأساسية لهذه البطاريات في اليابان، ومن المتوقع أن تظهر أول سيارة بهذه التقنية قبل 2028.

التحديات التي تواجه تويوتا في أوروبا

رغم الخطة الطموحة، إلا أن تويوتا ستواجه عدة تحديات في طريقها لإنتاج EV محلي في أوروبا:

  • منافسة صينية قوية: دخول شركات صينية مثل BYD وNio إلى السوق الأوروبية بأسعار منخفضة.
  • ارتفاع تكاليف العمالة والطاقة في أوروبا مقارنةً بآسيا.
  • تأخر طفيف في استراتيجية EV الخاصة بها مقارنة بمنافسيها مثل فولكس فاجن ومرسيدس.

لكن في المقابل، تملك تويوتا نقاط قوة مهمة مثل الجودة والموثوقية العالية، وقاعدة عملاء ضخمة في أوروبا، مما يمنحها فرصة استعادة مكانتها سريعًا في سوق EV.

عام 2028 بداية جديدة لتويوتا في أوروبا

يمثل إعلان تويوتا عن إنتاج السيارات الكهربائية في أوروبا بحلول عام 2028 تحولًا استراتيجيًا كبيرًا في مسار الشركة، ويُعد استجابة حاسمة للتحولات العالمية نحو التنقل الأخضر. ومع دخولها الفعلي في الإنتاج المحلي، ستكون تويوتا في موقع أقوى لمنافسة عمالقة السوق وتقديم سيارات كهربائية عالية الجودة تلبي تطلعات المستهلك الأوروبي.

ومع تطور البطاريات وتحسن البنية التحتية للشحن، فإن سيارات تويوتا الكهربائية قد تكون الخيار الأمثل للأوروبيين الذين يبحثون عن الاستدامة دون التضحية بالأداء أو الموثوقية.

أضف تعليق