السيارات الكهربائية: أغلى بنسبة 11٪ في تكاليف الإصلاح مقارنة بالسيارات العادية

Photo of author

By Sihem Braiek

التحول نحو السيارات الكهربائية أصبح واقعاً في أغلب الأسواق، لكن هذا التحول لا يخلو من مفاجآت.
فبينما يعتقد كثيرون أن السيارات الكهربائية أرخص في الصيانة لأنها لا تحتوي على محرك احتراق تقليدي، تكشف دراسات حديثة أن تكاليف إصلاحها أعلى بنسبة 11٪ من السيارات العاملة بالوقود.
السبب لا يتعلق بعدد القطع، بل بتعقيد التكنولوجيا، وارتفاع أسعار المكونات الخاصة بها.

لماذا إصلاح السيارات الكهربائية أغلى؟

في السيارات الكهربائية، كل شيء تقريباً يعتمد على أنظمة إلكترونية مترابطة بالكامل من إدارة البطارية إلى أنظمة التبريد والتحكم في الطاقة.
وهذا يعني أن أي عطل بسيط في أحد هذه الأنظمة قد يتطلب فحصاً متقدماً أو استبدالاً لمكونات كاملة، وليس مجرد قطعة ميكانيكية كما في السيارات العادية.

كما أن البطارية وحدها تمثل نحو 30 إلى 40٪ من قيمة السيارة. لذلك، أي ضرر فيها، حتى لو كان جزئياً، يرفع الفاتورة بشكل كبير.
وتضيف شركات التأمين أن كثيراً من السيارات الكهربائية تُصنَّف “غير قابلة للإصلاح” بعد الحوادث الصغيرة لأن تكلفة استبدال البطارية أو وحدات الطاقة قد تتجاوز نصف قيمة السيارة.

تكاليف الصيانة مقابل تكاليف الإصلاح للسيارات الكهربائية

من المهم التفرقة بين “الصيانة” و“الإصلاح”.
الصيانة الدورية للسيارات الكهربائية أرخص فعلاً، لأنها لا تحتاج إلى تغيير زيت أو فلاتر أو شمعات إشعال.
لكن عندما يتعلق الأمر بالإصلاح بعد حادث أو عطل إلكتروني، تصبح القصة مختلفة تماماً.

التقارير تشير إلى أن متوسط تكلفة إصلاح سيارة كهربائية يزيد بحوالي 11٪ مقارنة بسيارة احتراق مماثلة.
وفي بعض الحالات، مثل السيارات الفاخرة أو التي تحتوي على بطاريات معقدة التبريد، يمكن أن ترتفع النسبة إلى 20 أو حتى 30٪.

التأمين يزداد تعقيداً

هذا الفارق في تكلفة الإصلاح جعل شركات التأمين تعيد تقييم الأسعار.
في عدد من الدول الأوروبية، ارتفعت أقساط التأمين على السيارات الكهربائية بمعدل من 10 إلى 15٪.
السبب بسيط: كل حادث، حتى الصغير منها، يمكن أن يؤدي إلى تكاليف ضخمة إذا تأثرت البطارية أو أحد المكونات الإلكترونية.

كما أن نقص الفنيين المتخصصين في إصلاح السيارات الكهربائية يزيد المشكلة. فالإصلاح يتطلب مهندسين مدرَّبين على التعامل مع الجهد العالي والأنظمة الذكية، وهو ما يجعل يد العمل أغلى.

نقص الخبرة وارتفاع تكلفة قطع السيارات الكهربائية

حتى الآن، لا يزال سوق قطع الغيار للسيارات الكهربائية محدوداً.
الكثير من القطع، خاصة المكونات الخاصة بالبطارية أو أنظمة الشحن، لا يمكن الحصول عليها إلا من الشركة المصنعة مباشرة.
هذا يرفع الأسعار ويؤخر عمليات الإصلاح.

إضافة إلى ذلك، تحتاج ورش الصيانة إلى أدوات خاصة ومعدات أمان مخصصة للتعامل مع البطاريات عالية الجهد.
كل هذا يضيف تكاليف على الورش، تنعكس في النهاية على الزبون.

سيارة كهربائية مستقبلية تشحن بسرعة مع توضيح البيانات

متى تصبح الإصلاحات أقل تكلفة؟

مع توسع السوق وزيادة عدد السيارات الكهربائية، من المتوقع أن تنخفض التكاليف تدريجياً.
الخبراء يقدّرون أن السنوات الخمس القادمة ستشهد انتشاراً أكبر لورش الصيانة المتخصصة، وتوفّر قطع الغيار بشكل أوسع، مما سيقلل الفوارق في الأسعار.
كما أن شركات السيارات بدأت بتطوير بطاريات قابلة للإصلاح الجزئي، أي يمكن استبدال خلايا معينة دون تغيير الحزمة بأكملها.
هذا التوجه سيساهم في خفض التكاليف مستقبلاً بشكل واضح.

دور التصميم في تقليل الأضرار

تصميم السيارات الكهربائية الحديثة يلعب دوراً مهماً في الحد من تكاليف الإصلاح.
بعض الشركات مثل تسلا وفولكسفاغن بدأت تستخدم هياكل خاصة لحماية البطارية من الصدمات الجانبية والسفلية.
كما تم تعزيز أنظمة التبريد والعزل لتقليل مخاطر تلف البطارية في الحوادث الخفيفة.
هذه التحسينات قد تجعل السيارات القادمة أقل عرضة للتلف الباهظ مقارنة بالنماذج الأولى التي كانت أكثر حساسية.

إصلاح البطارية: العقدة الكبرى في السيارات الكهربائية

تبقى البطارية هي أغلى جزء في السيارة الكهربائية.
استبدالها بالكامل يمكن أن يكلف من 5 إلى 15 ألف يورو حسب الطراز.
وفي كثير من الحالات، إذا كانت البطارية تالفة بنسبة تتجاوز 30٪، تختار شركات التأمين شطب السيارة بدلاً من إصلاحها.

مع ذلك، بدأت بعض الشركات في تقديم حلول وسط، مثل إصلاح الخلايا التالفة فقط، أو إعادة تهيئة وحدات البطارية عبر مراكز معتمدة.
هذا النوع من الإصلاح لا يزال جديداً، لكنه يمثل خطوة مهمة نحو جعل السيارات الكهربائية أكثر استدامة وأقل كلفة على المدى الطويل.

الفارق في أوقات الإصلاح

إضافة إلى الكلفة، تُعد مدة الإصلاح عاملاً آخر يثير القلق.
السيارات الكهربائية تحتاج إلى فترات أطول للبقاء في الورشة، بسبب ندرة قطع الغيار وضرورة اتباع إجراءات سلامة معقدة قبل العمل على السيارة.
في بعض الحالات، قد ينتظر المالك أسابيع إضافية قبل استلام سيارته مقارنة بمدة إصلاح سيارة تقليدية.

تأثير هذه الفروقات على السوق

ارتفاع تكاليف الإصلاح لا يعني أن السيارات الكهربائية خيار سيئ، لكنه تحدٍّ حقيقي لصناعة السيارات والتأمين.
فإذا أرادت الحكومات تشجيع الناس على التحول إلى الكهرباء، فعليها دعم برامج تدريب الفنيين وتوفير قطع الغيار بأسعار عادلة.
كما يجب على الشركات العمل على تصميم بطاريات أكثر مرونة وسهولة في الإصلاح.

بدون هذه الخطوات، سيبقى كثير من المستهلكين مترددين في شراء سيارة كهربائية، خاصة في الأسواق الناشئة حيث تكلفة الصيانة عامل أساسي في القرار.

ما الذي يمكن أن يفعله المالك لتقليل المخاطر؟

هناك بعض الخطوات البسيطة التي يمكن أن تقلل من مخاطر الإصلاح المكلف:

  • تجنب الشحن الكامل المتكرر، لأن ذلك يضغط على خلايا البطارية.
  • تحديث برمجيات السيارة بانتظام لتحسين كفاءة النظام وتجنب الأعطال.
  • قيادة حذرة وتجنب الطرق غير المعبدة التي قد تتسبب بأضرار في الهيكل السفلي.
  • اختيار تأمين شامل يغطي البطارية تحديداً، وليس فقط الحوادث التقليدية.

المستقبل القريب للسيارات الكهربائية

صناعة السيارات تتعلم بسرعة.
ما كان مكلفاً اليوم، قد يصبح عادياً غداً.
تماماً كما كانت السيارات الهجينة في البداية غالية الصيانة ثم أصبحت منتشرة.
من المتوقع أنه بحلول عام 2030، ستتقلص الفوارق بين تكاليف إصلاح السيارات الكهربائية والحرارية إلى أقل من .
هذا بفضل الابتكارات في تصميم البطاريات، وزيادة عدد الفنيين المتخصصين، وتحسن سلاسل التوريد.

خلاصة

رغم أن السيارات الكهربائية ما زالت أغلى بنسبة 11٪ في الإصلاح مقارنة بالسيارات العادية، إلا أن هذا الفارق ليس دائماً ولا دائماً مبرراً للخوف.
فهي في المقابل أرخص في التشغيل، وأنظف بيئياً، وأسهل في القيادة.
لكن من المهم أن يكون المشتري واعياً لهذه التكاليف الإضافية وأن يختار السيارة والتأمين المناسبين لميزانيته.

أضف تعليق