دمنذ بداية انتشار السيارات الكهربائية، ظلّ السؤال نفسه يتكرر بين السائقين: هل يمكنها فعلًا أن تقطع مسافات طويلة دون الحاجة إلى شحن متكرر؟
الإجابة لم تكن سهلة، لكنها اليوم أقرب إلى “نعم” تستطيع السيارات الكهربائية قطع المسافة الإضافية أكثر من أي وقت مضى.
تطور البطاريات غير قواعد اللعبة
قبل سنوات، كانت السيارات الكهربائية تعاني من بطاريات محدودة السعة، تكفي بالكاد لرحلات قصيرة داخل المدينة. لكن التطور السريع في تكنولوجيا البطاريات، خاصة بطاريات الليثيوم أيون والحالة الصلبة، غيّر الصورة تمامًا.
اليوم، بعض الطرازات الحديثة من تسلا ومرسيدس EQS ولوسيد إير يمكنها تجاوز 700 كيلومتر في الشحنة الواحدة، وهو رقم لم يكن ممكنًا قبل خمس سنوات فقط.
الشحن السريع أصبح عاملًا حاسمًا
أحد أكبر التحسينات جاء في مجال الشحن.
في السابق، كانت عملية الشحن تستغرق ساعات طويلة، ما جعل السائقين مترددين في الاعتماد الكامل على السيارات الكهربائية للسفر.
الآن، بفضل محطات الشحن فائق السرعة (التي تصل قدرتها إلى 350 كيلوواط)، يمكن شحن البطارية من 10% إلى 80% في أقل من 20 دقيقة.
هذا التطور جعل الرحلات الطويلة أكثر واقعية وأقل توترًا.
البنية التحتية: التحدي المستمر
رغم كل التقدم التقني، لا يزال نقص محطات الشحن أحد أكبر العوائق أمام السيارات الكهربائية.
ففي المدن الكبرى، الشحن متوفر وسهل، لكن على الطرق السريعة أو في المناطق الريفية، يمكن أن يكون العثور على محطة شحن مناسبة تحديًا حقيقيًا.
ولهذا السبب، تعمل الحكومات وشركات الطاقة في أوروبا وأمريكا وآسيا على توسيع الشبكات بسرعة لتشمل كل الطرق الرئيسية خلال السنوات القليلة المقبلة.

القيادة الذكية تساعد على زيادة المدى
تقنيات البرمجيات تلعب دورًا مهمًا أيضًا.
أنظمة مثل إدارة استهلاك الطاقة والملاحة الذكية تتيح للسيارة اختيار المسار الأكثر كفاءة بناءً على حالة الطريق ومحطات الشحن المتاحة.
حتى نظام الفرملة المتجددة الذي يحول طاقة الكبح إلى كهرباء يعيد جزءًا من الطاقة إلى البطارية أثناء القيادة.
المناخ والسرعة يصنعان الفرق
مدى السيارة الكهربائية لا يعتمد فقط على البطارية، بل أيضًا على درجة الحرارة وأسلوب القيادة.
في الطقس البارد مثلًا، تحتاج البطارية إلى مزيد من الطاقة للحفاظ على حرارتها، ما يقلل المدى بنسبة قد تصل إلى 20%.
أما القيادة بسرعة عالية لفترات طويلة، فترفع استهلاك الطاقة بشكل ملحوظ.
لذلك، الحفاظ على سرعة ثابتة واستخدام التدفئة أو التبريد باعتدال يمكن أن يحدث فرقًا كبيرًا.
السيارات الكهربائية الفاخرة تتفوّق
من الطبيعي أن السيارات ذات الأسعار الأعلى تتمتع بمدى أطول بفضل بطارياتها الأكبر وتقنياتها المتقدمة.
لكن حتى الفئات المتوسطة بدأت تقترب من أداء تلك الفاخرة، حيث باتت سيارات مثل هيونداي أيونيك 6 وبي واي دي سييل تقدم أكثر من 600 كيلومتر لكل شحنة.
المستقبل: بطاريات تدوم لأيام
الشركات الكبرى تعمل الآن على الجيل القادم من البطاريات:
- بطاريات الحالة الصلبة التي تخزن طاقة أكثر وتُشحن أسرع.
- بطاريات الصوديوم أيون التي يمكن إنتاجها بتكلفة أقل من الليثيوم.
هذه التقنيات قد تسمح للسيارات بقطع أكثر من 1000 كيلومتر في الشحنة الواحدة خلال بضع سنوات فقط.
السيارات الكهربائية قطعت شوطًا طويلًا خلال فترة قصيرة.
من سيارات محدودة المدى إلى مركبات يمكنها السفر لمسافات تفوق معظم السيارات التقليدية.
التحديات ما زالت موجودة — خاصة في البنية التحتية والأسعار — لكنها في طريقها إلى الحل.
اليوم، يمكن القول بثقة إن السيارات الكهربائية قادرة فعلاً على قطع المسافة الإضافية، ليس فقط في الطريق، بل أيضًا في رحلة التطور نحو مستقبل أكثر نظافة وكفاءة.