مصنّعو البطاريات الصينيون يهيمنون أكثر على سوق السيارات الكهربائية العالمي

Photo of author

By Sihem Braiek

شهد سوق السيارات الكهربائية خلال السنوات الأخيرة نموًا غير مسبوق، لكن هناك عنصر أساسي جعل الصين في قلب هذا التوسع: البطاريات.
مصنّعو البطاريات الصينيون أصبحوا اليوم قوة لا يمكن تجاهلها، ليس فقط في إنتاج الخلايا الكهربائية، بل أيضًا في التحكم بسلسلة الإمداد العالمية، ما يمنحهم تفوقًا كبيرًا في سوق السيارات الكهربائية على مستوى العالم.

الصين تتحكم في المواد الخام

السيارات الكهربائية تعتمد على مواد محددة، أهمها: الليثيوم، الكوبالت، والنيكل.
الصين استثمرت منذ سنوات في هذه المواد، سواء عبر التعدين المحلي أو عبر عقود طويلة مع الدول المنتجة.
هذا التحكّم في المواد الخام يعطي الشركات الصينية ميزة واضحة، حيث يمكنها إنتاج البطاريات بكميات كبيرة وبأسعار أقل مقارنة بالمنافسين في أوروبا أو أمريكا.

شركات مثل CATL وBYD في المقدمة

أبرز الأمثلة على السيطرة الصينية في السوق العالمي هي شركتان:

  1. CATL (Contemporary Amperex Technology Co.)
    الشركة الأكبر في العالم لإنتاج بطاريات السيارات الكهربائية، تزود شركات كبرى مثل تسلا، بي إم دبليو، وفولكسفاغن.
    قدرتها الإنتاجية تتجاوز 1 تيراواط ساعة سنويًا، وهو رقم ضخم يسمح لها بتغطية حاجة السيارات الكهربائية المتزايدة بسرعة كبيرة.
  2. BYD
    بدأت كشركة سيارات كهربائية، لكنها اليوم واحدة من أكبر مصنّعي البطاريات، وتنتج بطاريات LFP الأكثر أمانًا وأقل تكلفة، ما يجعلها جذابة للشركات التي تسعى لتقليل التكلفة دون التضحية بالأداء.

التفوق الصيني في الابتكار

الصين لا تسيطر فقط على الإنتاج، بل أيضًا على البحث والتطوير في البطاريات.

  • تقنيات بطاريات الحالة الصلبة وبطاريات الليثيوم فوسفات الحديد (LFP) تُطور بسرعة داخل مختبرات صينية.
  • الابتكارات تشمل زيادة كثافة الطاقة، تقليل الوزن، وتحسين أمان البطارية.

هذا الابتكار يمنح السيارات الكهربائية الصينية قدرة أكبر على قطع مسافات أطول، واستقرارًا أفضل، وأسعارًا منافسة، ما يرفع جاذبيتها عالميًا.

الاستثمارات العالمية في الصين

الشركات الأجنبية باتت تعتمد على المصانع الصينية مباشرة.
فحتى الشركات الأوروبية التي تصنع سياراتها في ألمانيا أو فرنسا، تشتري البطاريات من الصين.
هذا يخلق اعتمادًا عالميًا متزايدًا على المصنّعين الصينيين، ويجعل أي تغيير في الأسعار أو الإنتاج الصيني له تأثير مباشر على سوق السيارات الكهربائية العالمي.

مصنع لبطاريات السيارات الكهربائية

التأثير على السوق العالمي

هيمنة الصين على البطاريات لها تأثيرات كبيرة:

  1. خفض التكلفة الإجمالية للسيارات الكهربائية: بفضل الإنتاج الكبير والتحكم في المواد الخام، يمكن خفض تكلفة السيارة بنسبة تصل إلى 20-30%.
  2. تسريع الانتقال إلى السيارات الكهربائية: الأسواق الغربية تعتمد على البطاريات الصينية بشكل أساسي، ما يسهل تبني السيارات الكهربائية بسرعة أكبر.
  3. زيادة المنافسة العالمية: شركات مثل تسلا، فولكسفاغن، ومرسيدس تعتمد على الصين لتأمين بطارياتها، ما يضع ضغطًا على مصنّعي البطاريات المحليين في أوروبا وأمريكا للحاق بالركب.

استراتيجيات الصين لتأمين الريادة

الصين لا تكتفي بالسيطرة على الإنتاج، بل تستخدم استراتيجيات متعددة لتأمين مكانتها:

  • التوسع في أسواق التعدين الدولية: عقود طويلة مع تشيلي وأستراليا لضمان استمرارية توريد الليثيوم والكوبالت.
  • تطوير بنية تحتية محلية قوية: مصانع ضخمة، خطوط إنتاج آلية، وبحث علمي مكثف.
  • تقديم حوافز للشركات الأجنبية لتأسيس مصانعها في الصين أو التعاون مع المصانع الصينية.

المنافسون العالميون: تحديات كبيرة

المصنعون الأوروبيون والأمريكيون يواجهون صعوبة في منافسة هذا التفوق الصيني، لعدة أسباب:

  • تكلفة الإنتاج العالية في أوروبا وأمريكا مقارنة بالصين.
  • اعتمادهم على المواد الخام المستوردة، ما يزيد أسعار البطاريات.
  • تأخر في تطوير تقنيات جديدة مقارنة بالبحوث الصينية المكثفة.

نتيجة ذلك، الشركات الغربية مضطرة للتعاون مع الصين أو الاستثمار في مشاريع مشتركة لتأمين البطاريات لسياراتها الكهربائية.

كيف يؤثر هذا على المستهلك النهائي؟

السيطرة الصينية على البطاريات لها إيجابيات وسلبيات للمستهلك:

الإيجابيات:

  • سيارات كهربائية أرخص مقارنة بالماضي.
  • توافر موديلات بمواصفات أعلى بأسعار منافسة.
  • تحسين مدى السيارات الكهربائية وأدائها.

السلبيات:

  • اعتماد كبير على مورد واحد عالميًا، أي أي أزمة إنتاجية في الصين تؤثر مباشرة على الأسواق العالمية.
  • بعض الشركات الغربية قد تواجه صعوبة في تلبية الطلب الكبير، ما يؤدي إلى تأخير تسليم السيارات.

المستقبل: الصين تستعد للسيطرة الكاملة

بحسب توقعات الخبراء، ستزداد هيمنة الصين في العقد القادم:

  • الاستثمارات في بطاريات الحالة الصلبة ستعطي السيارات الكهربائية مدى أطول وسلامة أعلى.
  • إنتاج البطاريات الرخيص والآمن سيجعل السيارات الكهربائية أكثر انتشارًا عالميًا.
  • الشركات الغربية ستظل تعتمد على الصين لفترة طويلة حتى تتمكن من بناء سلسلة إنتاج محلية منافسة.

مصنّعو البطاريات الصينيون أصبحوا عنصرًا محوريًا في سوق السيارات الكهربائية العالمي.
التحكم في المواد الخام، الابتكار التكنولوجي، والاستثمارات الضخمة جعلوا الصين شريكًا لا غنى عنه للشركات العالمية.
المستهلكون قد يستفيدون بأسعار أفضل وأداء أعلى للسيارات الكهربائية، لكن الاعتماد العالمي على مصدر واحد يطرح تحديات جديدة يجب مراقبتها عن كثب.

باختصار، الصين ليست فقط أكبر منتج للسيارات الكهربائية، بل أصبحت القلب النابض للبطاريات التي تشغّل هذه الثورة.

أضف تعليق