في الوقت الذي تتزايد فيه شعبية السيارات الكهربائية في العالم، لا تزال هناك العديد من الخرافات والمفاهيم المغلوطة التي تنتشر بين الناس حول هذه التكنولوجيا الحديثة. ورغم التقدم الهائل في تقنيات البطاريات والبنية التحتية للشحن، إلا أن البعض ما زال يتردد في اقتناء سيارة كهربائية بسبب معتقدات خاطئة.دراسة حديثة أجرتها مؤسسة بحثية مرموقة كشفت أن نسبة كبيرة من الناس ما زالت تصدق بعض الخرافات عن السيارات الكهربائية، مما يحد من انتشارها السريع ويؤثر على قرارات الشراء. في هذا المقال، نسلّط الضوء على 9 خرافات عن السيارات الكهربائية، ونوضح الحقيقة خلف كل منها، استنادًا إلى أحدث البيانات والبحوث.
1. السيارات الكهربائية لا تقطع مسافات طويلة
يعتقد الكثيرون أن السيارات الكهربائية غير مناسبة للسفر الطويل لأنها لا تقطع مسافات كافية قبل أن تحتاج لإعادة الشحن. ولكن الحقيقة أن الجيل الجديد من السيارات الكهربائية يستطيع قطع أكثر من 500 كيلومتر في الشحنة الواحدة، وبعض الطرازات الفاخرة تصل إلى أكثر من 700 كيلومتر، وهو ما ينافس العديد من السيارات التقليدية.
2. لا توجد محطات شحن كافية

هذه واحدة من أكثر الخرافات انتشارًا، خاصة في الدول النامية. إلا أن البنية التحتية لمحطات الشحن تتوسع بسرعة في مختلف أنحاء العالم، بما في ذلك الدول العربية. العديد من المدن الكبرى اليوم تضم عشرات بل مئات محطات الشحن العامة، إلى جانب إمكانية الشحن في المنزل أو في العمل.
3. السيارات الكهربائية بطيئة الأداء
الواقع مختلف تمامًا، فمعظم السيارات الكهربائية تمتاز بتسارع فوري وقوة عزم عالية. على سبيل المثال، تسلا موديل S تستطيع الانطلاق من 0 إلى 100 كم/س في أقل من 3 ثوانٍ، وهي أسرع من كثير من السيارات الرياضية التقليدية.
4. البطارية تحتاج إلى تغيير كل بضع سنوات
يخشى البعض من أن بطاريات السيارات الكهربائية سوف تتدهور بسرعة وتحتاج إلى استبدال مكلف خلال فترة قصيرة. لكن الأبحاث توضح أن عمر البطارية يمتد غالبًا لأكثر من 10 سنوات، مع فقدان بسيط في القدرة بمرور الوقت، تمامًا كما هو الحال في الهواتف الذكية أو الحواسيب المحمولة، ولكن على نطاق أوسع وأكثر تطورًا.
5. السيارات الكهربائية أكثر ضررًا بالبيئة بسبب إنتاج البطاريات
صحيح أن تصنيع البطاريات يستهلك موارد طاقة، لكن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون خلال دورة حياة السيارة الكهربائية تظل أقل بكثير من نظيراتها التي تعمل بالوقود الأحفوري، خصوصًا إذا تم شحنها من مصادر طاقة متجددة. على المدى الطويل، تُعد السيارات الكهربائية خيارًا بيئيًا مستدامًا.
6. تكلفة الشحن أكبر من تعبئة الوقود
على العكس، يعتبر شحن السيارة الكهربائية أرخص بكثير من تعبئة الوقود التقليدي. فالشحن المنزلي خلال الليل، خاصة مع تعرفة الكهرباء المنخفضة، يمكن أن يوفر ما يصل إلى 70% من تكاليف التنقل مقارنة بالسيارات العاملة بالبنزين أو الديزل.
7. لا توجد سيارات كهربائية بأسعار معقولة
في السابق، كانت السيارات الكهربائية تقتصر على الفئات الفاخرة، لكن اليوم هناك العديد من الخيارات الاقتصادية المناسبة للعائلات بأسعار تبدأ من حوالي 20 ألف دولار. كما أن انخفاض تكاليف التشغيل والصيانة يجعلها خيارًا اقتصاديًا على المدى الطويل.
8. السيارات الكهربائية غير آمنة في الحوادث
الواقع أن السيارات الكهربائية تخضع لنفس معايير الأمان الصارمة التي تنطبق على جميع أنواع السيارات. بل إن بعض الطرازات الكهربائية حصلت على تقييمات أمان أعلى من نظيراتها التقليدية، بفضل مركز الثقل المنخفض وتصميم الهيكل المدعوم بنظام البطارية.
9. القيادة في الطقس البارد تدمر البطارية
صحيح أن الطقس البارد يؤثر على أداء البطاريات، ولكن السيارات الحديثة مزودة بأنظمة إدارة حرارية تحافظ على كفاءة البطارية حتى في درجات الحرارة المنخفضة. كما أن تأثير الطقس البارد لا يجعل السيارة غير قابلة للاستخدام، بل قد يقل المدى بنسبة 10-20% فقط في الظروف القاسية.
نتائج الدراسة: أرقام صادمة
الدراسة التي نُشرت مؤخرًا شملت آلاف المشاركين من مختلف الفئات العمرية والمناطق الجغرافية. وأظهرت أن:
- 68% من المشاركين يعتقدون أن السيارات الكهربائية لا تصلح للسفر الطويل
- 54% يظنون أن استبدال البطارية يحدث كل بضع سنوات
- 61% غير واثقين من توفر محطات شحن قريبة
- 72% يظنون أن السيارات الكهربائية أبطأ من البنزين
هذه النتائج تبيّن مدى انتشار المعلومات الخاطئة، والحاجة إلى حملات توعية أوسع وأشمل.
لماذا تستمر هذه الخرافات؟
السبب الرئيسي يعود إلى نقص المعلومات الصحيحة، وتأثير وسائل الإعلام الاجتماعية التي تروج أحيانًا لمحتوى مضلل. كما أن مقاومة التغيير تجعل البعض يتشبث بالتكنولوجيا التي يعرفها، ويخشى الجديد، رغم فوائده الواضحة.
الخلاصة
السيارات الكهربائية ليست مجرد موضة عابرة، بل هي مستقبل النقل. ومع تقدم التكنولوجيا، وتوسع البنية التحتية، وتراجع الأسعار، تصبح هذه السيارات خيارًا منطقيًا واقتصاديًا وصديقًا للبيئة. لذلك، من المهم التمييز بين الحقيقة والخرافة، واستشارة المصادر العلمية الدقيقة قبل اتخاذ أي قرار.
المستقبل كهربائي – ولكن فقط إذا تخلينا عن المعتقدات الخاطئة واحتضنّا التغيير بعقل منفتح.