في ظل التوجه العالمي المتزايد نحو السيارات الكهربائية، تأتي دراسة بريطانية حديثة لتسلط الضوء على فائدة اقتصادية مهمة قد تغيب عن كثيرين: انخفاض تكاليف الصيانة. ووفقًا لهذه الدراسة، فإن مالكو السيارات الكهربائية يوفرون 30٪ من تكاليف الصيانة مقارنةً بمن يمتلكون سيارات تعمل بمحركات الاحتراق الداخلي. هذه النتيجة تسلط الضوء على الجانب الاقتصادي المشرق للتحول نحو المركبات الكهربائية، وتدفع المزيد من المستهلكين لإعادة التفكير في خياراتهم المستقبلية للسيارات.
لماذا تنخفض تكاليف صيانة السيارات الكهربائية؟
السيارات الكهربائية تحتوي على عدد أقل من الأجزاء المتحركة مقارنةً بالسيارات التي تعمل بالبنزين أو الديزل. فعلى سبيل المثال، لا تحتوي على مكونات مثل علبة التروس التقليدية، أو شمعات الاحتراق، أو أنظمة العادم، أو فلاتر الزيت، مما يعني أن هناك أجزاءً أقل يمكن أن تتلف أو تتطلب صيانة دورية. هذا وحده يساهم بشكل مباشر في تقليل زيارات الورشة وتقليص تكاليف الإصلاح.
إضافة إلى ذلك، تعتمد السيارات الكهربائية على نظام كبح يُعرف باسم الكبح المتجدد، والذي يساعد في تقليل تآكل الفرامل التقليدية، مما يُطيل عمر أقراص وألواح المكابح بشكل كبير.
تفاصيل الدراسة البريطانية: أرقام ونتائج مثيرة
أُجريت الدراسة على آلاف المركبات التي تم تتبعها لمدة خمس سنوات، وشملت سيارات كهربائية وهجينة وتقليدية. ووفقًا للنتائج، فقد بلغ متوسط تكلفة الصيانة السنوية للسيارات الكهربائية نحو 244 جنيهًا إسترلينيًا، مقارنة بـ 341 جنيهًا إسترلينيًا للسيارات التقليدية. هذا يعني فرقًا سنويًا يقدَّر بـ 97 جنيهًا إسترلينيًا لصالح مالكي السيارات الكهربائية.
وبالنظر إلى أن العمر الافتراضي للسيارة يتراوح بين 10 إلى 15 عامًا، فإن المالك العادي قد يوفر ما يصل إلى 1500 جنيه إسترليني أو أكثر طوال مدة امتلاك السيارة,فمالكو السيارات الكهربائية يوفرون 30٪ من تكاليف الصيانة.
الجانب البيئي يدعم الفائدة الاقتصادية
لا تقف مزايا السيارات الكهربائية عند الجانب المالي فقط، بل تمتد لتشمل البعد البيئي أيضًا. فهذه السيارات لا تنتج انبعاثات ضارة أثناء التشغيل، مما يساهم في تقليل تلوث الهواء، خاصة في المدن المزدحمة. وفي بريطانيا، تُمنح السيارات الكهربائية امتيازات إضافية مثل الإعفاء من ضريبة الطرق والدخول المجاني إلى مناطق الانبعاثات المنخفضة، ما يعزز من جاذبيتها الاقتصادية.
هل جميع أنواع الصيانة أقل تكلفة؟
رغم الفوائد الكبيرة، إلا أن الدراسة أشارت إلى أن بعض أنواع الصيانة قد تكون مكلفة في السيارات الكهربائية، خصوصًا عند استبدال البطارية في حال انتهاء عمرها الافتراضي. ومع ذلك، فإن حالات استبدال البطارية لا تزال نادرة نسبيًا، وغطاء الضمان لمعظم السيارات الكهربائية يشمل البطارية لفترات طويلة تتراوح بين 8 إلى 10 سنوات.
كما أن تحديثات البرامج، والتي تتم في كثير من الأحيان عن بُعد، تُعتبر جزءًا من الصيانة الحديثة، وتقلل من حاجة السيارة للذهاب إلى الورشة في المقام الأول.
ماذا يعني هذا لمستقبل السوق في المملكة المتحدة؟
نتائج هذه الدراسة تمثل عاملًا محفزًا رئيسيًا للمستهلك البريطاني في وقت تشهد فيه البلاد زيادة تدريجية في عدد السيارات الكهربائية المسجلة. ومع اقتراب موعد حظر بيع السيارات الجديدة التي تعمل بالبنزين والديزل في عام 2035، من المرجح أن يُسهم عامل انخفاض تكاليف الصيانة في تسريع تبني السيارات الكهربائية.
كما يُتوقع أن تستجيب شركات التأمين ومراكز الخدمة لهذه التحولات عبر خفض أقساط التأمين على السيارات الكهربائية، وزيادة الاستثمار في تدريب الفنيين على التعامل مع تقنياتها.
كيف يستفيد المستهلك العربي من هذه النتائج؟
رغم أن هذه الدراسة أجريت في بريطانيا، إلا أن نتائجها يمكن إسقاطها على أسواق أخرى، خاصة في دول الخليج العربي وشمال إفريقيا التي بدأت تدخل سوق السيارات الكهربائية بوتيرة متسارعة. في البلدان ذات درجات الحرارة العالية، مثل السعودية أو الإمارات، قد تختلف بعض المعطيات، خصوصًا في ما يتعلق بعمر البطارية وتأثير الحرارة، لكن تبقى فكرة قلة الأجزاء المتحركة وقلة الحاجة للصيانة من المزايا المهمة.
لذلك، فإن من ينوي شراء سيارة كهربائية في الدول العربية يمكنه الآن الاطمئنان إلى أن استثماره سيوفر عليه مبالغ كبيرة على المدى الطويل.
نصائح للمهتمين بشراء سيارة كهربائية
- ابحث عن طراز يتمتع بضمان طويل على البطارية، ويفضل أن يكون 8 سنوات أو أكثر.
- تأكد من توفر محطات شحن قريبة في منطقتك، سواء في المنزل أو العمل.
- راجع تكاليف التأمين وتحديثات البرمجيات، فبعض الطرازات تتطلب اشتراكات شهرية.
- اختر علامة تجارية موثوقة ولديها مركز خدمة متخصص في سيارتها الكهربائية.
الدراسة البريطانية تقدم دليلاً قويًا على أن السيارات الكهربائية ليست فقط خيارًا صديقًا للبيئة، بل أيضًا اقتصاديًا بامتياز. انخفاض تكاليف الصيانة بنسبة 30٪ يشكل عامل جذب كبير للمستهلكين، ويعزز من احتمالية انتشار هذه السيارات في السنوات القادمة. ومع تطور البنية التحتية للشحن وزيادة التنافس في السوق، قد تصبح السيارات الكهربائية هي الخيار الأول للمستهلكين حول العالم، بما في ذلك العالم العربي.