السيارات الكهربائية تغزو أوروبا رغم التحديات المتصاعدة

Photo of author

By Sihem Braiek

رغم ما تواجهه من عراقيل اقتصادية وبنية تحتية غير مكتملة ومنافسة شرسة من الأسواق العالمية، تواصل مركبات البطارية الكهربائية (BEVs) تعزيز حضورها بقوة في الأسواق الأوروبية. هذا التوسع اللافت في مبيعات واعتماد المركبات الكهربائية يعكس تحوّلًا استراتيجيًا في سياسات النقل الأوروبي، وتغيّرًا تدريجيًا في سلوك المستهلك، مدفوعًا بالعوامل البيئية والدعم الحكومي والتطور التقني المتسارع.السيارات الكهربائية تغزو أوروبا رغم التحديات المتصاعدة.

أوروبا تسير بثبات نحو مستقبل كهربائي

شهدت مبيعات السيارات الكهربائية في أوروبا قفزة غير مسبوقة خلال شهر مارس الماضي، حيث ارتفعت بنسبة 23% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي،

شهدت أوروبا في السنوات الأخيرة نموًا ملحوظًا في تسجيلات المركبات الكهربائية بالكامل، حيث تجاوزت الحصة السوقية للسيارات الكهربائية 15% من إجمالي المبيعات في بعض الدول الأوروبية الرئيسية مثل النرويج، ألمانيا، وهولندا. هذا التحوّل يعكس التزام الحكومات الأوروبية بتحقيق أهداف خفض الانبعاثات الكربونية بحلول عام 2030، تماشيًا مع اتفاقية باريس للمناخ وخطط الاتحاد الأوروبي للحياد الكربوني.

الدعم الحكومي يسند التحوّل

أحد أهم العوامل التي دعمت الزخم المتزايد للسيارات الكهربائية في أوروبا هو الدعم الحكومي المستمر، سواء من خلال الحوافز المالية المباشرة مثل الإعفاءات الضريبية، أو الدعم غير المباشر كتوفير البنية التحتية للشحن، والمناطق منخفضة الانبعاثات التي تحظر دخول المركبات العاملة بالوقود التقليدي. برامج مثل “Bonus Écologique” في فرنسا، و”Umweltbonus” في ألمانيا، أسهمت في تسهيل قرار الشراء للمستهلكين.

التحديات لا تزال قائمة

رغم هذا الزخم، تواجه المركبات الكهربائية العديد من التحديات في أوروبا، أهمها:

  • البنية التحتية للشحن: لا تزال كثير من المناطق الريفية والضواحي في أوروبا تعاني من نقص في محطات الشحن العامة والسريعة، مما يحد من قدرة المستخدمين على الاعتماد الكلي على السيارات الكهربائية.
  • الأسعار المرتفعة: بالرغم من انخفاض أسعار البطاريات خلال السنوات الماضية، فإن السيارات الكهربائية لا تزال أعلى ثمنًا من نظيراتها العاملة بالوقود التقليدي، مما يجعلها بعيدة عن متناول كثير من المستهلكين.
  • منافسة الصين: تزايد عدد السيارات الكهربائية الصينية منخفضة التكلفة التي تُغرق السوق الأوروبية يثير مخاوف صانعي السيارات الأوروبيين ويجبرهم على إعادة النظر في استراتيجيات الإنتاج والتسعير.

الاستجابة الصناعية: شركات السيارات تتكيّف

شركات السيارات الأوروبية لم تقف مكتوفة الأيدي أمام التحديات؛ بل اتجهت إلى تسريع استثماراتها في تكنولوجيا البطاريات، وتطوير منصات إنتاج خاصة بالمركبات الكهربائية. على سبيل المثال، أعلنت مجموعة فولكس فاجن عن استثمار ضخم في مصنع بطاريات في ألمانيا، بينما توسعت “رينو” في إنتاج طرازاتها الكهربائية في شمال فرنسا.

المستهلك الأوروبي أكثر وعيًا

تشير الاستطلاعات إلى أن المستهلك الأوروبي أصبح أكثر وعيًا بأهمية الانتقال إلى سيارات صديقة للبيئة، خاصةً مع ازدياد التغطية الإعلامية حول تغيّر المناخ وأثر قطاع النقل على الانبعاثات. هذا الوعي ترجم إلى رغبة حقيقية في التغيير، رغم القلق المستمر من مسألة المدى الكهربائي ومدة الشحن.

آفاق النمو المستقبلية

يتوقع أن يتسارع الزخم نحو المركبات الكهربائية في أوروبا خلال السنوات الخمس المقبلة، مدفوعًا بتشريعات بيئية أكثر صرامة، وتطور التكنولوجيا، وانخفاض تكلفة البطاريات، بالإضافة إلى تحسّن ملحوظ في بنية الشحن. بعض التقديرات تشير إلى أن السيارات الكهربائية قد تمثل أكثر من 50% من مبيعات السيارات الجديدة في أوروبا بحلول عام 2030.

التحديات لم توقف التحوّل

رغم العوائق والمنافسة الحادة، فإن أوروبا تواصل المضي قدمًا في مسار التحول نحو السيارات الكهربائية. الزخم المتصاعد لمركبات البطارية الكهربائية يعكس إرادة سياسية ومجتمعية قوية للتحوّل نحو نقل مستدام، وهو ما يجعل من أوروبا واحدة من أكثر المناطق تقدمًا في هذا المجال عالميًا. التحدي الآن يكمن في تحقيق هذا النمو بشكل عادل وشامل يغطي كافة فئات المجتمع والمناطق الجغرافية.السيارات الكهربائية تغزو أوروبا رغم التحديات المتصاعدة.

أضف تعليق